شهدت عُمان في فترة حكم الأئمة اليعاربة نهضة حربية وعلمية واقتصادية وسياسية ومعمارية، وفي عهدهم تم طرد البرتغاليين من سلطنة عُمان، كما خرج من تلك الأسرة العديد من العلامة والشيوخ الذين أثروا الحياة العلمية في هذا الوقت وتركوا علماً غزيراً للأجيال اللاحقة، كما انتشرت الآثار المعمارية الحربية والسكنية والدينية بالولايات والبلدات التي استقر بها حكام اليعاربة؛ لهذا لا عجب في أن يهتم المؤرخون المعاصرين لهم وغيرهم من الذين جائوا بعد فترة دولة اليعاربة بتاريخها ومنجزات عهدها وحياة حكامها ومعاركهم وانتصاراتهم وكل ما خلفوه وتركوه من نهضة وساعة المجال.
فكثير من المخطوطات التاريخية العُمانية تناولت بين ثنايها حياة الحكام اليعاربة ونشأتهما وتنقلاتهم وحروبهم ومنشأتهم والنهضة العلمية والحربية التي شهدتها سلطنة عُمان إبان عهدهم، كما يوضح البحث أسماء عدد من الأدباء والعلماء والشعراء الذين عاشوا فترة حكم أئمة اليعاربة.
وفي ضوء ذلك تناول البحث دراسة حضارة لدولة اليعاربة وأهم الأحداث التي حدثت في تلك الفترة، وأشهر أئمة دولة اليعاربة في ضوء مخطوط "كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة" ومخطوط "الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أئمة عُمان"، ومخطوط "تحفة الأعيان بسيرة أهل عُمان".
كما يتضح لنا مما ذكر مسبقاً أن عهد أئمة اليعاربة وبخاصة الإمام ناصر بن مرشد والإمام سلطان بن سيف وولديه بلعرب وسيف، قد شهد نهضة علمية وأدبية وثقافية وشعرية واسعة المجال؛ ورجع ذلك إلى اهتمام هؤلاء الأئمة العظام بنهضة عُمان في كافة المجالات السياسية من الفتوحات والإنتصارات لتوحيد البلاد ومواجهة الخطر البرتغالي، والاقتصادية، والعلمية، والأدبية، إلى جانب أن من صفات الإمام أن يكون ملماً بالأمور الفقهية عالماً يقظاً، وهذا ما اتضح لنا من خلال تلك المراسلات والخطبات بين هؤلاء الأئمة العظام وبين عمالهم.
وقد قسمت الدراسة إلى ثلاث مباحث يسبقهما مقدمة تناولنا من خلالها الحديث عن نشأة وقيام دولة اليعاربة ونسبهم، أما المبحث الأول فتناول دراسة حضارة لدولة اليعاربة من خلال مخطوط "كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة" لشيخ المؤرخين العُمانيين سرحان بن سعيد الإزكوي، وكان المبحث الثاني عن دراسة حضارة لدولة اليعاربة من خلال مخطوط "الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أئمة عُمان" للشاعر والأديب والمؤرخ حميد بن محمد بن رزيق، وجاء المبحث الثالث بدراسة حضارية لدولة اليعاربة من خلال مخطوط "تحفة الأعيان بسيرة أهل عُمان" للشيخ الإمام العلامة نور الدين السالمي.